فاتحة:
تتناول هذه الأُطروحة العلاقات الإقتصادية/الإجتماعية والسياسية للواقع السودانى فى إطار جدلى/مادى تاريخى كمنهج للتحليل، وبعيد عن أىِّ عقائدية، وبدون الإنتقاص من الأدوات التحليلية الأُخرى التى قد يتناولها متناول من منظوره الشخصى. أمَّا لماذا هذا المنهج التحليلى بالذات، فذلك لقدرته المحضة على تناول الظواهر الإجتماعية فى إطارها الشامل المتكامل، بربطها بمتغيرات تشكُّلِ الأنماط الإقتصادية والإجتماعية، وبعيداً عن الدراسات المجتزءة، والمعمَّمَة جُزافاً على واقعٍ لم تخبِرْهُ ولم تخْتَبِرْه. كما أنَّنى لم أجد بعد، نظرية تَبُذُّها فى القدرات التحليلية والإستقصائية.
إذاً، هى معالجة غير محرضة بالأيديولوجيا، أى قِوامُها العقل الحُر والتفكير الحُر، وتتعامل مع أدوات التحليل المذكورة بعاليه، كأدواتٍ لنظريةِ علومٍ إجتماعية تُحظى بإحترام واسع فى الأوساط العلمية على مستوى العالم، ومازالت سارية المفعول على سبحِ ثلاثة قرون (نهاية التاسع عشر، العشرين وبداية الواحد وعشرين)، بل والأكثر فاعلية. وانظر إلى رصيفاتها، إمَّا أنَّهنَّ قبَعْنَ وراء التاريخ (Lagged behind History)، أو ذهبنَ إلى مذبلة التاريخ (The Dust Pin of History).
هناك أسئلة مهمة تحاول أن تتدارسها هذه المداخلة مثل: كيف يؤثر الخطاب الليبرالى فى تشكُّل واقعنا، وكيف تعاطينا/ نتعاطى معه؟ ما هى محددات تشكُّل الواقع الإقتصادى/الإجتماعى والسياسى فى السودان؟ ما هى آفاق التغيير المرتقب، وأين نحن من مسلكه، ومن المستفيد منه، ولماذا تأخر عندنا، وهل من بارقة أمل؟
تحاول هذه المداخلة أنْ تُجيب علي كلِّ هذه الأسئلة، ليس بذلك النَّفَس الأكاديمى الصارم، ولكن بجديَّتِهِ، وهى مفتوحة للنقاش، وليكن كلُّهُ، بنهايةِ التحليل، فى مصلحة التغيير.
يتبع ...