ﺭﺣﻴﻞ ﺧﻠﻴﻞ
ﻭﺃﺯﻣﺔ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ
ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ
ﺩ. ﻋﺒﺪﺍﻟﻮﻫﺎﺏ
ﺍﻷﻓﻨﺪﻱ
29-12-2011
(1) ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺎﺑﻊ ﺭﺩﺓ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ
ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ﻭﺃﻧﺼﺎﺭﻫﺎ ﻣﻦ ﺗﻬﻠﻴﻞ ﻭﺍﺑﺘﻬﺎﺝ
ﺑﻤﻘﺘﻞ ﺯﻋﻴﻢ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ
ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺧﻠﻴﻞ ﺍﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ-
ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻌﺬﻭﺭﺍً ﻟﻮ ﺧﻴﻞ ﻟﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻫﻮ
ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺤﻜﻢ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ، ﻭﺃﻥ ﻧﻈﺎﻣﻪ
ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺪ ﻗﺪ ﺳﻘﻂ ﻭﺗﻬﺎﻭﻯ. ﻭﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻓﺈﻥ
ﺃﺣﺪ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﻦ ﺍﺳﺘﺨﺪﻡ ﺗﻌﺒﻴﺮ
‘ﻣﺼﺎﺭﻉ ﺍﻟﻄﻐﺎﺓ’ ﻭﻫﻮ ﻳﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﻘﺘﻞ
ﺧﻠﻴﻞ. ﻭﻫﺬﺍ ﺑﺎﻟﻘﻄﻊ ﺳﺮ ﻏﺎﺏ ﻋﻨﺎ، ﻷﻧﻨﺎ
ﻟﻢ ﻧﻜﻦ ﻧﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺧﻠﻴﻼً ﻛﺎﻥ ﻳﺤﻜﻢ
ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺀ ﺳﺘﺎﺭ، ﻭﻳﻐﻞ ﻳﺪ
ﺍﻟﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ﻋﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺨﻴﺮ
ﻭﺍﻧﺼﺎﻑ ﺍﻟﺨﻠﻖ.
(2)
ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻓﺈﻥ ﻣﺎ ﻋﺒﺮ ﻋﻨﻪ ﺑﻌﺾ
ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﻃﻔﻴﻦ ﻣﻊ ﺧﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻋﺮ
ﺟﻴﺎﺷﺔ )ﻟﻢ ﺗﺨﻞ ﻣﻦ ﺟﺰﻉ( ﺗﺠﺎﻩ ﺭﺣﻴﻠﻪ
ﺍﻟﻤﻔﺎﺟﺊ ﻳﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﻣﺪﻯ ﺍﻵﻣﺎﻝ ﺍﻟﺘﻲ
ﻋﻠﻘﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺷﺨﺺ ﺧﻠﻴﻞ ﺃﻭﻻً
ﻭﻋﻠﻰ ﺣﺮﻛﺘﻪ ﺛﺎﻧﻴﺎً. ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺟﺎﺀ ﺣﺠﻢ
ﺍﻟﻔﺠﻴﻌﺔ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﺱ ﺑﺎﻟﻔﻘﺪ.
(3)
ﻣﺎ ﺗﺆﻛﺪﻩ ﺭﺩﻭﺩ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻫﺬﻩ ﻫﻮ ﺃﻥ ﺧﻠﻴﻞ
ﻧﺠﺢ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻳﺼﺒﺢ ﺃﺳﻄﻮﺭﺓ ﻋﻨﺪ ﻣﺤﺒﻴﻪ
ﻭﺃﻋﺪﺍﺋﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻮﺍﺀ، ﻭﻫﻮ ﺇﻧﺠﺎﺯ ﻛﺒﻴﺮ
ﺑﻜﻞ ﺍﻟﻤﻘﺎﻳﻴﺲ. ﻭﻛﻤﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﺭﺩﻭﺩ
ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺠﺎﻧﺒﻴﻦ ﻓﺈﻥ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﺍﻷﺳﻄﻮﺭﻳﺔ ﻟﺨﻠﻴﻞ ﻟﻬﺎ ﺃﺻﺪﺍﺀ
ﻭﺍﺳﻌﺔ.
(4)
ﻣﺜﻞ ﻛﻞ ﺍﻷﺳﺎﻃﻴﺮ، ﻓﺈﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ
ﺗﻨﻄﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﺇﺳﻘﺎﻃﺎﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ. ﻓﺄﺯﻣﺔ
ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﻟﻢ ﺗﺒﺪﺃ ﻣﻊ ﺗﻤﺮﺩ ﺧﻠﻴﻞ ﻭﻟﻦ ﺗﻨﺘﻬﻲ
ﺑﺮﺣﻴﻠﻪ. ﻭﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺗﺼﻮﻳﺮ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺧﻠﻴﻞ ﻋﻠﻰ
ﺃﻧﻬﺎ ﻓﺘﺢ ﻣﺒﻴﻦ ﻟﻦ ﺗﻘﺪﻡ ﻭﻟﻦ ﺗﺆﺧﺮ ﻓﻲ
ﺍﻷﻣﺮ، ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺆﺩ ﻣﻘﺘﻞ ﺟﻮﻥ ﻗﺮﻧﻖ
ﻭﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﺗﻮﻗﻴﻊ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﻣﻌﻪ ﺇﻟﻰ
ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﺍﻷﺯﻣﺔ. ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ
ﻭﻫﻴﻜﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﻧﻈﺎﻡ ﻋﺠﺰ ﻋﻦ ﺍﺳﺘﺜﻤﺎﺭ
ﺍﻟﻔﺮﺹ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﺴﻼﻡ
ﺍﻟﺸﺎﻣﻞ ﻭﻣﺎ ﺟﻠﺒﻪ ﻣﻦ ﺩﻋﻢ ﻭﺍﻋﺘﺮﺍﻑ
ﺩﻭﻟﻲ.
(5)
ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻓﺈﻥ ﻧﻘﺎﺋﺺ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﻭﺃﺯﻣﺘﻪ
ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻜﻤﺔ ﺗﻜﺒﺮ ﻣﻦ ﺣﺠﻢ
ﺃﻫﻮﻥ ﻣﻌﺎﺭﺿﺔ ﻭﺗﻌﻈﻢ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ، ﻷﻥ
ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﺨﺮﺝ ﻋﻠﻴﻪ ﻳﺠﺪ ﺗﻌﺎﻃﻔﺎً ﺷﻌﺒﻴﺎً
ﻭﻳﺤﻤﻞ ﺁﻣﺎﻝ ﺍﻟﻤﺘﻀﺮﺭﻳﻦ ﻣﻦ ﺑﻄﺸﻪ.
ﻭﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﺍﻟﻘﻄﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ ﺍﻟﻤﺘﻀﺮﺭﺓ
ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺗﻜﺘﺮﺙ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﺑﻤﺤﺘﻮﻯ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ
ﺃﻱ ﻗﻮﺓ ﻣﻌﺎﺭﺿﺔ ﻭﻻ ﺑﻤﻨﺒﻊ ﻭﺗﻮﺟﻬﺎﺕ
ﻗﺎﺩﺗﻬﺎ، ﺑﻞ ﻳﺘﻢ ﺗﻘﻴﻴﻢ ﺍﻟﻜﻴﺎﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ
ﺑﻤﺪﻯ ﻗﺪﺭﺗﻪ ﺍﻟﻤﻔﺘﺮﺿﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ
ﻭﺗﺤﺪﻱ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ، ﻭﺍﺣﺘﻤﺎﻻﺕ ﻧﺠﺎﺣﻪ ﻓﻲ
ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻴﻪ.
(6)
ﻫﺬﺍ ﻳﻌﻜﺲ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺗﺒﻠﻮﺭ ﻣﻼﻣﺢ
ﺍﻧﻘﺴﺎﻡ ‘ﻃﺎﺋﻔﻲ’ ﺟﺪﻳﺪ ﻳﺸﺒﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺬﻱ
ﺗﺒﻠﻮﺭ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﻤﻬﺪﻳﺔ ﺑﻴﻦ ﻣﺆﻳﺪ
ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺫﻧﺐ، ﻭﻣﻌﺎﺭﺽ ﻻ ﻳﺒﺎﻟﻲ
ﺑﻤﻦ ﻳﺴﺘﻌﻴﻦ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺇﺳﻘﺎﻁ ﻧﻈﺎﻡ
ﺣﻜﻢ ﻳﺮﺍﻩ ﻇﺎﻟﻤﺎً ﻣﺘﺴﻠﻄﺎً، ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ
ﻋﺪﻭ ﺍﻟﻤﻠﺔ ﻭﺍﻟﻮﻃﻦ. ﻭﻗﺪ ﺍﻗﺘﺮﺑﻨﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ
ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻘﻄﺎﺏ ﻃﺎﺋﻔﻲ ﻣﻤﺎﺛﻞ ﻟﻮ ﺳﻤﺢ
ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺘﻤﺎﺩﻱ ﻓﻠﻦ ﺗﺸﻬﺪ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺳﻼﻣﺎً ﻷﻥ
ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﺩﻡ ﺳﻴﺸﺎﺑﻪ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ
ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻓﻲ ﺗﺬﺑﺬﺑﻪ ﺑﻴﻦ ﻣﺤﺎﺻﺼﺔ
ﻃﺎﺋﻔﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻀﺾ، ﻭﺣﺮﻭﺏ ﻃﺎﺋﻔﻴﺔ
ﻣﻌﻠﻨﺔ ﺣﻴﻨﺎً ﻭﻣﺴﺘﺘﺮﺓ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً.
(7)
ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺃﻱ ﺗﻘﺪﻡ ﻓﻌﻠﻲ ﺑﺎﺗﺠﺎﻩ ﻭﻃﻦ
ﺗﺤﻜﻤﻪ ﻗﻴﻢ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ
ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻳﺶ، ﻭﻫﻲ ﻗﻴﻢ ﻻ ﻗﻴﺎﻡ ﻟﻮﻃﻦ
ﻣﺴﺘﻘﺮ ﺑﻐﻴﺮﻫﺎ، ﻓﻼ ﺑﺪ ﻣﻦ ﻭﻓﺎﺀ ﻛﻞ
ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺑﻮﺍﺟﺒﺎﺗﻬﺎ ﺗﺠﺎﻩ ﻣﺤﺎﺭﺑﺔ
ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻳﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﻄﺎﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ
ﻭﺍﻟﻄﺎﺋﻔﻲ ﻭﺍﻟﻘﺒﻠﻲ ﻭﻛﻞ ﺃﺷﻜﺎﻝ
ﺍﻟﺘﺨﻨﺪﻕ ﻭﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ. ﻭﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻓﺈﻥ
ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻭﺍﻷﻛﺒﺮ ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ
ﻋﺎﺗﻖ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻮ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻮﺍﺟﺒﻬﺎ
ﻓﻲ ﺇﺣﻘﺎﻕ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺇﻧﻔﺎﺫ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻟﻤﺎ
ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻠﺘﻤﺮﺩ ﻭﻟﻤﺎ ﺷﻬﺪﻧﺎ ﻣﺎ
ﻧﺸﻬﺪ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻘﻄﺎﺏ.
(
ﻟﻸﺳﻒ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻟﻢ ﺗﻘﻢ ﺑﻮﺍﺟﺒﻬﺎ
ﻭﻗﺪ ﻭﺻﻠﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻓﻘﻂ
ﻏﻴﺮ ﺭﺍﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺑﻞ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﺃﻳﻀﺎً.
ﻭﻟﻌﻠﻬﺎ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻓﻲ ﻭﺿﻊ ﻳﺼﺪﻕ ﻋﻠﻴﻪ
ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‘ :ﻭﻟﻮ ﺃﻧﻨﺎ ﻧﺰﻟﻨﺎ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ
ﻭﻛﻠﻤﻬﻢ ﺍﻟﻤﻮﺗﻰ ﻭﺣﺸﺮﻧﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻛﻞ
ﺷﻲﺀ ﻗﺒﻼً ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻟﻴﺆﻣﻨﻮﺍ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﺸﺎﺀ
ﺍﻟﻠﻪ’. ﻓﻜﺬﻟﻚ ﻟﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺿﻤﺖ ﺇﻟﻰ
ﺻﻔﻮﻓﻬﺎ )ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻠﺖ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ( ﺟﻮﻥ
ﻗﺮﻧﻖ ﻭﺧﻠﻴﻞ ﺍﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻭﻋﺒﺪﺍﻟﻮﺍﺣﺪ
ﻭﺍﻟﺴﻴﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﺤﺰﺏ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﻭﻛﻞ ﻗﻮﻯ
ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻓﺈﻥ ﺇﺻﻼﺣﻬﺎ ﻟﻦ
ﻳﺘﺤﻘﻖ، ﻷﻥ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻀﻢ ﻓﻴﻪ
ﻫﺆﻻﺀ ﺇﻃﺎﺭ ﻣﺨﺘﻞ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎﺭﻛﺔ
ﺻﻮﺭﻳﺔ ﻭﺍﺣﺘﻜﺎﺭ ﻓﻌﻠﻲ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ ﻣﻦ
ﻭﺭﺍﺀ ﺳﺘﺎﺭ.
(9)
ﻫﺬﺍ ﻳﺴﺘﺘﺒﻊ ﺃﻥ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺃﻭﻻً ﻭﻋﻠﻰ ﻗﻮﻯ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ ﺛﺎﻧﻴﺎً.
ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺨﻄﻮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺑﺎﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺗﺒﺪﺃ
ﻓﻲ ﻧﻈﺮﻱ ﺑﻨﺒﺬ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﻭﺍﺳﺘﺌﺼﺎﻝ
ﺳﺮﻃﺎﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ
ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ. ﻭﺃﺣﻴﻞ ﻫﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﺘﻪ ﻓﻲ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﺩ ﻏﺪﺍﺓ ﺍﺳﺘﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻜﺮﻣﻚ ﻣﻦ
ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ، ﻭﻛﺮﺭﺗﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﺮﺍﺭﺍً،
ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﻭﻗﺖ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻤﺴﻠﺢ ﻗﺪ ﻣﻀﻰ،
ﻭﺇﻥ ﺇﺛﻤﻪ ﻛﺎﻥ ﻭﻣﺎ ﻳﺰﺍﻝ ﺃﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﻧﻔﻌﻪ.
ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻓﻮﻕ ﺫﻟﻚ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﻋﻤﻠﻴﺔ،
ﺃﻫﻤﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻐﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ، ﺗﺤﺮﻡ ﺍﻟﻌﻤﻞ
ﺍﻟﻤﺴﻠﺢ ﻣﻦ ﻓﺎﻋﻠﻴﺘﻪ، ﻓﻘﺪ ﺧﺮﺟﺖ ﻛﻞ
ﺩﻭﻝ ﺍﻟﺠﻮﺍﺭ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻌﺒﺔ، ﻭﻟﻢ ﺗﻌﺪ
ﺭﺍﻏﺒﺔ ﺃﻭ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﺴﻼﺡ
ﻭﺍﻟﻤﻼﺫ ﺍﻵﻣﻦ، ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺃﺻﺒﺢ ﺍﺳﺘﺌﺼﺎﻝ
ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﻠﺤﺔ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻭﻗﺖ.
(10)
ﻻﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﺃﺿﺮﺍﺭ ﺃﺧﺮﻯ، ﻓﻮﻕ
ﺳﻔﻚ ﺩﻣﺎﺀ ﺃﻧﺎﺱ ﻫﻢ ﻣﻮﺍﻃﻨﻮﻥ
ﺳﻮﺩﺍﻧﻴﻮﻥ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﻄﺎﻑ، ﻭﺃﻛﺜﺮﻫﻢ
ﺃﺑﺮﻳﺎﺀ. ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﻭﺍﻟﺪﻣﺎﺭ ﻳﺆﺟﺞ
ﺍﻷﺣﻘﺎﺩ ﻭﻳﻌﻤﻖ ﺍﻻﻧﻘﺴﺎﻣﺎﺕ ﻭﻳﺰﻳﺪ
ﺍﻻﺳﺘﻘﻄﺎﺏ. ﻭﻓﻮﻕ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻮﻟﺪ
ﺍﻻﺗﻜﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻧﺘﻈﺎﺭ ﺍﻟﻤﺨﻠﺺ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺄﺗﻲ
ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ ﻋﺮﺑﺔ ﺩﻓﻊ ﺭﺑﺎﻋﻲ ﻣﻦ
ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ، ﻋﻮﺿﺎً ﻋﻦ ﺗﺤﻤﻞ ﻛﻞ ﻣﻮﺍﻃﻦ
ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺘﻪ ﻓﻲ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺷﻌﺒﻪ.
(11)
ﺃﻻ ﺭﺣﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺧﻠﻴﻼً، ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺭﺟﻞ ﻣﺒﺎﺩﺉ
ﻭﻣﻮﺍﻗﻒ، ﺭﻏﻢ ﺍﺧﺘﻼﻓﻨﺎ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ
ﻣﻮﺍﻗﻔﻪ. ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻤﺒﺪﺋﻴﺔ ﻭﺣﺪﻫﺎ ﻻ
ﺗﻜﻔﻲ، ﻓﺈﻥ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻣﻦ ﺃﻧﺼﺎﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ
ﺃﻫﻞ ﺗﻄﺮﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﻤﺎ ﻳﺆﻣﻨﻮﻥ ﺑﻪ.
ﻓﻼ ﺑﺪ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺒﺪﺋﻴﺔ ﻣﻦ ﺇﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﻘﻞ
ﻭﺃﻳﻀﺎً ﺍﻟﻤﻮﺍﺯﻧﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﻭﺗﺪﺑﺮ
ﺍﻟﻌﻮﺍﻗﺐ. ﻓﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﺤﺎﺳﺐ ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ
ﺑﻤﺎ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﻪ ﺑﻞ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺜﻤﺮﺍﺕ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ.
ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺣﺎﺟﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﻱ ﻭﻗﺖ
ﻣﻀﻰ ﻷﻥ ﺗﺘﺪﺑﺮ ﻛﻞ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ
ﺑﻌﻤﻖ ﻭﺗﺠﺮﺩ ﻓﻲ ﻋﻮﺍﻗﺐ ﺃﻓﻌﺎﻟﻬﺎ
ﻭﺛﻤﺮﺍﺕ ﻣﻮﺍﻗﻔﻬﺎ.
(12)
ﻣﺎ ﻧﺤﺘﺎﺟﻪ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻫﻮ ﻣﺒﺎﺩﺭﺓ ﻣﻦ ﺟﺒﻬﺔ
ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺜﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻠﺖ ﻣﺆﺧﺮﺍً ﻭﻛﻞ
ﺣﺮﻛﺎﺕ ﺩﺍﺭﻓﻮﺭ ﺍﻟﻤﺴﻠﺢ ﺗﻌﻠﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻦ
ﻭﻗﻒ ﻏﻴﺮ ﻣﺸﺮﻭﻁ ﻹﻃﻼﻕ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻣﻦ
ﺟﺎﻧﺐ ﻭﺍﺣﺪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺃﻧﺤﺎﺀ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ،
ﺗﻤﻬﻴﺪﺍً ﻟﻨﺒﺬ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻤﺴﻠﺢ ﻭﻋﻘﺪ ﻣﺆﺗﻤﺮ
ﻭﻃﻨﻲ ﻳﻀﻢ ﻛﻞ ﻗﻮﻯ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ
ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ﻟﺘﺒﻨﻲ ﺍﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ
ﻟﻠﺘﻐﻴﻴﺮ ﺍﻟﺴﻠﻤﻲ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ.
ﻭﻟﻌﻞ ﻫﺬﻩ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﻓﻀﻞ ﻫﺪﻳﺔ ﻳﺘﻠﻘﺎﻫﺎ
ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ ﻭﻫﻮ ﻳﺴﺘﻘﺒﻞ ﻋﻴﺪ
ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ ﻳﻨﺎﻳﺮ ﺍﻟﻘﺎﺩﻡ.
abedri@yahoo.com